رواية مذاق العشق بقلم سارة المصري
بصعوبة من بين نحيبها
أنا باخد العلاج في مواعيده وبنفذ كل الدكاترة بيقولوه ..ازاي لحد دلوقتي مفيش حمل
وصمتت قليلا لتشهق مواصلة
استغفر الله العظيم
رفع وجهها واحتضنه بين كفيه هامسا في حب أصبح يغدقها عليها بلا حساب عله يخدر ألم خيبة أملها
انتي عندي أهم من أي حاجة ...ايه... عايزة تجيبيلي عزول يشاركنى فيكي ..أنا مش عاوز عيال خالص يا ستي
يعنى ايه مش عايز عيال ...انت ازاي مش فارق معاك كدة
تلك الحمقاء..
ألا تعرف أنه يحتاج هذا الطفل أكثر منها
ألا تعرف انه لا يريد ان يسكن ابناءه رحما غير رحمها هي ..
ربت على كتفها قائلا
اهدى بس يا حبيبتى ..اهدى
طبعا لازم ميكونش فارق معاك ما المشكلة مش من عندك ..انت لسة عندك الفرصة لكن انا
وقطعت كلماتها وهي تشهق بالبكاء مجددا فنهض محاولا تمالك اعصابه من اتهامها السخيف
انا فرصتي الوحيدة معاكي انتي ...ولو عيالي مش منك مش عايز عيال خالص ..فهمتي ولا اقول تاني ..ثانيا احنا لسة صغيرين معجزناش والدكاترة قالو لو العلاج مجبش نتيجة هنلجأ للحقن المجهري وده فرص نجاحه عالية فليه الزعل ... ما اهو قدامك زين وسمر بقالهم سنتين هما كمان ...مشوفتش حد فيهم متأثر ولا حاجة
زين هذا لم يكلف خاطره حتى بعرض زوجته على طبيب...
بل تشعر احيانا انه سعيد بهذا الوضع كأنه عقاپ مناسب لنفسه جراء تخليه عن صوفيا ...
ثلاث سنوات مرت تقريبا دون حتى ان تراه يبتسم وعلى النقيض كان يوسف معها بكل صبره واحتوائه .. يرافقها من عيادة طبيب الى اخر متحملا معها فشل كل المحاولات ومايتبعه من نوبات حزن واحباط لها كيف له ان يكون رائعا هكذا
تنهدت فى عمق وهى تنظر اليه هامسة في حنان يحمل كثيرا من الاعتذار
يوسف ..انا بحبك اوى ..سامحنى ارجوك
ابتسم وهو يميل اليها في خبث
انتى واخدة بالك بتنطقى اسمى ازاى
انتى اللى جبتيه لنفسك
انتفضت على صوت دقات الباب لتعود من افكارها وجملته السابقة تتكرر
افتحى يا ايلينا بدل ما اكسر الباب
مررت يدها فى شعرها في عڼف ...لاتريد لهذا المشهد ان يتكرر من جديد ..فرغم انتهائه المرة الماضية بجرعات حنان زائدة تلقتها بسخاء بين ذراعيه الا أن خيبة الامل التى اعترتها وقتها ليست على استعداد لتذوق مرارتها من جديد ..
تانى يا ايلينا ..احنا مش قولنا متعمليهوش غير لما اجى
نظر الى وجهها الذابل فتوقع ان تكون النتيجة ككل مرة ولكنها لحقته بهمسها القلق
انا مبصتش فيه
ونظرت تجاهه بسرعة لتتجاوزه جالسة على الفراش فى تهالك ...
بالفعل لن يمكنها تكرار التجربة من جديد ..
لن يمكنها رؤية نفس النتيجة ككل مرة ..
لن يمكنها ان تشعر بعجزها القاټل كل يوم ...
لحظات وعاد اليها ...جلس على طرف الفراش الى جوارها فلم ترفع رأسها اليه ...
شعرت به يمسح على شعرها فى حنان ..
ابتسمت فى سخرية اذن النتيجة كالمعتاد فرد الفعل المشفق المتعاطف كما هو والموقف يتكرر بحذافيره وبذات القبلة المواسية ...
حاولت كبح دموعها وعدم اعادة المشهد الدرامى بكل تفاصيله
يوسف انا بجد تعبت ...ومش هروح لاى دكتور تانى ...كلهم بيكدبو عليا عشان ياخدو فلوس وخلاص
رفع رأسها اليه وقال بابتسامة
تعبتى ازاى بقا ده احنا لسة فى اول الطريق
نهضت فى تعب لتواصل
انا بجد تعبت ومش قادرة اكمل ..والحرية ليك فى اللى جاى انا مش هلومك فى حاجة ..لو عايز.. وازدردت غصة مؤلمة فى حلقها تحاول ان تنطق بالعبارة بصعوبة وبصوت متقطع اخرجتها
لو عايز تتجوز من حقك
اشاح بوجهه للحظات قبل ان يتنهد فى عمق ويواجهها من جديد قائلا
انا فعلا هتجوز
وقبل ان ترسم اى انفعال على وجهها سارع يخبرها في سعادة بالغة
عشان انتى هتنشغلى بالبيبى اللى فى بطنك ده وهتنسينى
اتسع ثغرها فى ذهول فضمھا على الفور وهو يقول بينما يمسد بيده على بطنها
مبروك يا احلى مامى فى الدنيا
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وعلامات ذهولها لم تختفى بعد .. تشبثت بكتفيه لتقاوم عدم احساسها بالأرض تحت قدميها..اغمضت عينيها بقوة وفتحتهما لتتأكد أنها ليست قيد أحلامها المستمرة .. تلعثم صوتها وهي تسأل في حذر
انت قولت ايه
واضافت وهى تضع يدها على صدرها تقاوم تنفسها السريع
انت مش بتهزر يا يوسف صح
وهتفت وهى تضع كفيها على بطنها في رفق
انا فعلا حامل
هز رأسه وهو يلتقط كفيها ويقبلهما فى حنان..لمعت عيناه لسعادتها ...لابتسامتها الحبيبة الى قلبه التي عادت غير مشوبة بحزن او احباط
ايوة يا حبيبتى مظبوط انتى حامل
مررت يدها فى شعرها وهى تجىء وتذهب فى عشوائية قائلة فى ارتباك
لا انا مش مصدقة
هرعت الى المرحاض من جديد لتبحث عن اختبار الحمل ..نظرت اليه بحدقتين اتسعتا كأنها ارادت احتوائه بداخلهما لتصدق ...
اخذته بين يديها وخرجت اليه من جديد وهى تضحك پبكاء وتبكى بضحك وتصرخ
انا حامل يا يوسف.. انا حامل ..اخيرا هشيل ابنك جوايا
بدأت بالقفز كالأطفال فهرع اليها ممسكا كتفيها في قلق
اهدى بس ..اهدى ....انتى كنتى حامل يا حبيبتى ..بس بعد عرض الايروبكس ده الله اعلم
احتضنته بقوة وهى تردد
بحبك يا يوسف بحبك بحبك
انحنى ليحملها برفق ..وضعها على الفراش فى هدوء وقال متصنعا الجدية
يلا بقا نستعد للحبتين بتوع الافلام ...متتحركيش من مكانك خالص واللى انت عايزاه هيجيلك ..راحة تامة ثم راحة تامة
وحك جبهته بيده ليضيف
نسيت حاجة ولا كدة خلاص
اعتدلت وهي تخبره في حماس
احنا باليل ان شاء الله نروح لدكتور وهنشوف هيقول ايه ...ودلوقتى اتفضل اسبقنى على تحت زمانهم مستنينا على الغدا وانا هكلم صوفيا افرحها وارجعلك
حاول ان يتمالك نفسه من السعادة وهو على مائدة الغداء مع اسرته اخذ يعبث بمحتويات طبقه وينظر الى السلم كل لحظة فى انتظار حضورها ليعلنا للجميع نبأ قرب قدوم الحفيد الاول لعائلة البدرى الذي يتكون الان فى رحمها ..
لاحظت سميرة ارتباكه فنظرت الى محمود الذى كان بدوره يتابعه فى دهشة بينما زين على هدوئه المعتاد فى الفترة الاخيرة او بالأدق على حزنه التى كانت سميرة دوما تشعر به منذ ان تزوج سمر ولا تعرف ابدا سبب له فلم ترغمه على الزواج من سمر ولم يرغمه ابوه ..
هل لازال يعانى اعراض انسحاب تلك الشقراء من حياته حتى الان
لم يعد يشاركهم احاديثهم ولا لهوهم كالمعتاد.. كان يكتفى بابتسمات خاوية حزينة لينسحب بعدها من المكان بأسره الى وحدته التى آثر اللجوء اليها...
اما ابوه فكان يعلم جيدا ما يعيشه ولده ...
يعلم ماعاناه على يديه ولم يتوقع ابدا ان يظل قابعا فى حزنه طيلة هذا الوقت ...
لم يظن ان مشاعره لصوفيا قد وصلت الى هذا الحد... لم يصنفها سوى انها رغبة او نزوة ومع الوقت ربما يستجيب للامر الواقع ويسلم لقدره مع ابنة عمه ..
لم يتوقع ان يطول حزنه للدرجة التى تمنى فيها لو دفعه ليتزوج بصوفيا دفعا ان كان فى هذا سعادته ولكنه كان يبتعد ويبتعد حتى انه ترك العمل فى مجموعة البدري ليبدأ مشروعه الخاص ..
مصنع صغير أسسه مع صديقه ..
لم يستطع ابوه وقتها ان يعترض فلقد اعترض بما يكفى ..وبذلك اصبح ابناء البدرى كل منهم فى طريق فحسام قد اصبحت له شركته الخاصة التى تحقق نجاحات متتالية وزين بمصنعه الذى ينمو على يديه ويحقق ارباحا لابأس بها ويوسف وحده اصبح من يدير هذا الصرح الكبير رغم محاولاته الدائمة لاعادة زين انتبه الجميع على صوت ايلينا وهى تقول
السلام عليكم
رد الجميع تحيتها قبل ان تتخذ مجلسها الى جوار يوسف الذى نظر اليها فى حب فابتسمت له فى حزن لم يعرف له مبرر ..
لم يحتمل ان يخفى سعادته اكثر فامسك بشوكة وطرق بها على الطبق قائلا
يا قوم ....اسمعونى عند ليكو خبر حلو اوى
الټفت له الجميع فى اهتمام فواصل بعد ان امسك بكف ايلينا وقبل باطنه
قريب اوى ان شاء الله ..هيشرف ولى العهد ..اول حفيد لعيلة البدرى
شهقت سميرة وهى تضع يدها على ثغرها في سعادة بينما رفع محمود نظره الى الاعلى وهو يتمتم بالشكر لله والأسرع كان زين الذى اندفع الى شقيقه محتضنا اياه في حنان
مبروك يا يوسف
ومال ناحية ايلينا
الف مبروك يا ايلينا ربنا يتمملك على خير
نظر يوسف الى امه مضيقا عينيه من علامات الصدمة التى لازالت تكسوها ليداعبها
ايه يا ست الكل مفيش مبروك
رفعت سميرة يديها من على ثغرها وحاولت النطق ولكن دموعها المنسابة منعتها فاقترب يوسف ليقبل كفها قائلا
ايه يا ست الكل نفرح نعيط نزعل نعيط
ضمته اليها وصوتها يتهدج من دموع السعادة التي تحجزها خلف جفنها بصعوبة
واخيرا يا يوسف هشوف عيالك
واطلقته من بين ذراعيها لتنظر الى ايلينا وتضيف
مبروك يا
ايلينا
بدت ايلينا شاردة تماما فناداها يوسف لتنتفض وترد مباركة سميرة
الله يبارك فيكى يا ماما
التفتت سميرة الى زين وقالت
عقبالك يا حبيبى
نظر زين الى سمر فى سخرية والى والده فى لوم قبل ان يعود الى والدته قائلا في روتينية واضحة
ان شاء الله يا ماما
اما يوسف فنظر الى ايلينا يسألها فى قلق
ايه مالك يا ايلينا ..وشك متغير ليه
مسحت وجهها بيديها وهي تقول
اصل كلمت صوفيا عشان ابلغها وافرحها بس .. وصمتت وهى تخفض رأسها فانطلق لسان زين دون تفكير كأنه تحدث بصوت قلبه وبلغته
مالها صوفيا يا ايلينا
الټفت له الجميع فى دهشة وخاصة سمر التى احمر وجهها بشدة وهى ترمقه فى غيظ اما ايلينا فلم تدهش لرد فعله فهى متأكدة من انه لازال يحمل فى قلبه لصوفيا كل الحب تنهدت فى حزن وهي تبسط كفيها أمامها
هيا كويسة ...بس والدتها توفت
تمتم الجميع فى حزن
لاحول ولا قوة الا بالله
التفتت ايلينا الى يوسف وهى تمسك بكفه
راجية
انا لازم اسافرلها يا يوسف ..دى خالتى برضه ولازم اطمن على صوفيا
ردت سميرة بسرعة قبل أن يجيب يوسف
انتى بتقولى ايه بس يا بنتى ...سفر ايه وانتى لسة فى بداية الحمل
هز يوسف رأسه مؤكدا لكلام امه
سفر ايه مش هتستحملى
نظرت لهما فى تعب وأخبرتهما في لهجة حاسمة
انا هاخد بالى متخافوش ...مينفعش اسيب صوفيا لوحدها فى ظرف زى ده
تنحنح زين فى هذه اللحظة واستئذن فى الانصراف بينما عينا سمر تراقبه فى حنق ...نهض محمود ليتبعه بينما ظلت سميرة ويوسف يحاولان اقناع ايلينا بالعدول عن فكرة السفر حتى قالت فى النهاية فى محاولة لارضاء جميع الاطراف
خلاص يا جماعة احنا هنروح للدكتورة النهاردة وزى