رواية مذاق العشق بقلم سارة المصري
ملاكها الحارس فى اليوم الذى لجأت فيه الى يوسف وخذلها
لن تذهب ذكرى هذا اليوم من بالها ابدا حين تهجم فؤاد ابن عمها عليها فى الثانية صباحا وجدته أمامها يطرق الباب بقوة ففتحت له حتى لايثير لها المشاكل تخيلت انها ستصرفه بهدوء وينتهى الأمر كما كانت تفعل معه دائما
لم تعرف ان هذه المرة ستختلف كثيرا فقد همس لها فؤاد فى وقاحة بمجرد أن فتحت له الباب
ودفعها پعنف شىء ما ليدلف الى المكان
رمقته باحتقار
طالعت هيئته التى يبدو ان الخمر قد اذهب بما تبقى من تعقل بها لتقول وهى تشير بثبات الى الباب
اخرج برة يا بنى ادم انت اطلع برة
نظر فؤاد الى الباب ليتجه ويغلقه في برود ويعقد ذراعيه مواصلا فى تلذذ غريب
تنفست في عمق تخبره بهدوء فلم يخطر ببالها ما ينتوي فعله
اسمع يا فؤاد انا مش ممكن اقبل الجواز منك ابدا
قهقه عاليا وهو
يحاول الاقتراب منها
ومين جاب سيرة الجواز بس دلوقتي جواز ايه ووش ايه
كزت ايلينا على اسنانها وقبل ان تفلت منها سبابا يستحقه وجدت علي وقد خرج من غرفته يتحسس الحائط فى خوف محاولا الوصول اليها اندفعت اليه تضمه وهى تقبل رأسه تطمأنه وتهدهده لتتغلب على ارتجافه وبعدها بلحظات حاولت الوصول الى الباب لتستغيث بأحد فكان هو اسرع منها
نجحت ايلينا اخيرا فى تخليص معصمها من قبضته ودفعته بقوة ليسقط على الأريكة لتتمايل به فتستغل هي الفرصة لتحتضن علي من جديد وتلوذ بأقرب الغرف وتغلقها عليها
امسكت بهاتفها وبمجرد ان فتح المكالمة لم تنتظر حتى ان يأتيها صوته صړخت مباشرة فى فزع
لم يأتيها اى رد فعاودت الهتاف
يوسف انت سامعني اعمل معروف انا انقطعت المكالمة او انهااها يوسف دون كلمة واحدة ولم يكن لديها متسع من الوقت لتفكر فى صډمتها فقد تزايدت دقات فؤاد على الباب وازداد ارتجاف علي بين ذراعيها وقبل ان ترفع هاتفها لتتصل بالشرطة سمعت صوت جلبة بالخارج فأحدهم قد كسر الباب وبعدها سمعت اصوات تحطيم اشياء بالشقة واصوات تأوهات متتالية لصڤعات ولكمات فلم تحملها قدميها اكثر لتتهالك ارضا وهى تضم علي اليها فى قوة تحاول ان تأخذ منه الامان اكثر مما تحاول ان تبثه اياه هدأت تلك الاصوات تدريجيا لتنتفض على صوت دقات هادئة على باب الغرفة وصوت فارس الرخيم يناديها
مدت يدها فى تردد وخوف ونهضت لتفتح الباب فى بطء نظرت منه قبل ان تفتحه اكثر الى فؤاد الذى تكوم ارضا والى فارس الذى انتحى جانبا ليترك لها الفرصة فى الخروج اطلقت على من بين ذراعيها ونظرت الى فارس تسأله فى توتر
انت عرفت ازاى باللى حصل
ابتسم فارس وهو يضع يديه فى جيب بنطاله مداعبا
العفو مدام ايلينا تحت أمرك
لو كانا فى موقف اخر لاتسع ثغرها من دعابته وطريقته فى القائها ولكن نظرة الى فؤاد المتكوم ارضا اصابتها بالفزع فأعادت سؤالها من جديد فى ثبات وجديه لا تحتمل اى مزح ليرد فى هدوءه المعتاد
انا جيت على صوت الدق والخبط اللى كان فى المكان وعلى صوت صرختك وصړخة علي مش محتاجة ذكاء يعنى
نظرت اليه فى تمعن لأول مرة
هيئته توحى بانه احد ابطال المصارعة وليس مدرسا ابدا
يشبه الى حد كبير نجوم السينما فى هندامه وطريقته اللبقة وكل شىء
لم يصبه مجرد خدش واحد من فؤاد او ربما هى حالة فؤاد الذى سيطر الخمر فيها على عقله فلم يتمكن من الدفاع عن نفسه
قطع تأملها صوت فؤاد المترنح
وده يطلع مين ده راخر
اقترب فارس منه قائلا وهو يعقد ذراعيه بابتسامة جذابة للغاية
اهلا فؤاد باشا ازى الحال دلوقتى
لهجته ثقته طريقته تذكرها به
يوسف البدرى الذى تخلى عنها منذ لحظات
وضع فؤاد يده على رأسه ونظر اليها بعد ان تلونت پالدم هاتفا
وحياة امك لدفعك التمن غالى
فرك فارس كفيه
لا يافؤاد بيه محدش هيدفع اى تمن غيرك تفتكر لو بلغنا البوليس دلوقتى هيبقا ازى الحال وياسلام بقا لو خطيبتك بنت الوزير عرفت والجوازة اتفركشت شوف انت بقا
نهض فؤاد فى تثاقل قائلا وهو يمسك جبينه يكافح الدوار بشدة
انت بتهددنى يا بتاع انت
رد فارس فى برود
اه
نظر فؤاد الى ايلينا هامسا في ڠضب مكبوت وكأنه تعمد الا يصل تهديده الى احد غيرها وهو يميل اليها قبل ان يخرج
مسيرك تقعى تحت ايدى لو مكنش دلوقتى بعدين وبكرة تشوفى يا
واضاف فى تهكم
بنت عمي
وقبل ان يخرج تفاجىء بقبضة فارس الحديدية حول معصمه وهو يقول ببروده الثلجى المخيف
متفكرش يا فؤاد بيه انصحك متفكرش
نظر اليه فؤاد بتوعد قبل ان يخطو مغادرا المكان فى تعب دون أن يرد
التفتت ايلينا الى فارس بابتسامة ممتنة
مش عارفة بجد اشكرك ازاى
ابتسم فارس ابتسامته الغامضة الجذابة التى طالما اثارت حيرتها فهى لاتعرف حقا أهي ابتسامة حزينة ام حائرة ام تائهة
شفتاه تبتسمان بينما عيناه هائمتان فى عالم اخر وقبل ان يرد سمعت صوت ارتطام فتفاجئت بعلي يسقط ارضا فاقدا للوعى
صړخت ايلينا باسم أخيها وركعت ارضا وهى تضع رأسه على حجرها وټضرب وجنته فى رفق صاړخة فى هستيريا
على الحقنى يا فارس اعمل حاجة اول مرة اشوفه كدة
تحسس فارس نبضه وتنفسه بسرعة وهو يقول لها
اهدى ايلينا هوا بس خاېف دى نوبة فزع مش اكتر حاولى تتكلمى معاه فى اى حاجة وحسسيه بوجودك
رمقته فى دهشة من أين له اين يعرف كل هذا ولكنها نفذت ما طلبه بالضبط وضمت على اليها اكثر وهى تتحدث اليه وتقبل رأسه بينما يجلس فارس على ركبتيه امامهما حتى هدأ تنفس علي المتسارع وفتح عينيه فقبلته ايلينا على جبهته وحمله فارس الى غرفته وقبل ان يذهب سألته ايلينا فى
فضول
انت ازاى قدرت تعرف اللى عند على
هز كتفيه قائلا فى بساطة
ابدا انا اخدت دورة اسعافات اولية وكنا بنعرف ازاى نفرق بين الحاجات النفسية والعضوية
ابتسمت ايلينا له فى اعجاب واضح
بجد يا فارس متشكرة اوى
شعرت فى نظراته بشىء جديد اصبح يتطور يوما بعد يوم
تزايد اهتمامه اكثر مع الوقت بينما هى كانت لاتزال تتبع اخبار يوسف رغم حنقها عليه اقنعت نفسها انه الفضول تريد ان تعرف كيف يعيش
كيف يقضى حياته مع جينا وهل بالفعل استطاع تجاوزها
تعرف انها الان ربما تحيا وهمها الأعظم الذى استيقظت منه على دقات بابها من فارس دق بابها و كأنه يدق قلبها يطلب الاذن بالدخول فتحت له الباب فنظر لها لحظات دون ان ينطق قبل ان يتنفس فى عمق قائلا
ايلينا تتجوزيني
الفصل السادس والعشرون
هذا اخر ما تمنت ان تسمعه فى الحياة
أغرقها بسؤاله فى حقيقة لا مفر منها ولا نجاة
حقيقة كلمة زوج التي لا تعنى لها سوى يوسف
الزواج ويوسف كلمتان مترادفتان بالنسبة اليها
رغما عنها وعن كل ما حدث لايمكنها تخيل حياتها مع شخص سواه
لا يمكنها تحمل لمسات رجل غيره
مجرد التفكير فى هذا الأمر يصيبها بالتقزز
لاتريد ان تتخلص من ذكرياتها معه
لاتملك الارادة لذلك مهما حاولت حتى ان لم يكن هناك أمل فى الوصال بينهما من جديد الا ان الأمر برمته خارج عن سيطرتها
تحبه رغم كل ما حدث
رغم خيانته
رغم جرحه لها وجرحها له الذى يذكرها فى كل لحظة باستحالة ان يجمعهما مكان من جديد
لافرار من الحقيقة ابدا فلايمكنها ان تكون لرجل بعد يوسف
مشاعرها وجسدها وذكرياتها وكل شىء قد اصبح حكرا عليه منذ زمن
رفضت فارس
رفضت غير عابئة بتقريعات عقلها الذى يصفها بالغباء المطلق فرجل مثله لايمكن لأي فتاة ان ترفضه
أبت كرامته ان يبقى امامها بعد هذا الرفض فترك المنزل بعد ان ودعها
لم تستطع ان تطلب منه البقاء فقط لأنها تحتاج الى حمايته فمن حقه ان يأخذ فرصته فى نسيانها والبدء فى حياة جديدة مع اخرى تكون له بكل جوارحها فهو اكبر من ان يكون مجرد تجربة تحتمل الفشل اكثر مما تحتمل النجاح بكثير
ومرت الأيام تلو الأيام وحياتها على وتيرة واحدة لا تتغير حتى حدث ماحدث فى هذا اليوم حينما عادت الى منزلها بعد ان ابتاعت بعض الأشياء من السوق بدلت ملابسها وانتظرت الحافلة التى تقل اخاها من مدرسته ولكنه تأخر كثيرا عن موعده هاتفت مدرسته فأخبرته انه بالفعل استقل الحافلة التى انزلته امام البيت كالمعتاد كادت ان تجن
هبطت بسرعة تبحث عنه خارج المنزل وحوله فربما فقد وعيه او اصطدم بشىء فتشت عنه في كل مكان فلم تجده
جلست على السلم الخارجى للمنزل بعد ساعات من البحث ورأسها يخيل لها كل السيناريوهات المؤلمة عن ضياعه اخذت ټضرب فخديها فى قلة حيلة وهى لا تعلم ماذا تفعل ولمن تلجأ فان ابلغت الشرطة فلن يكن هناك اى تحرك قبل مرور اربع وعشرين ساعة ضړبت على جانبى رأسها فى حزن من بامكانه ايذاء طفل كفيف ولماذا
سالت دموعها فى عجز لم تشعر به قط فى حياتها فعلي ليس مجرد اخ بل هو ولدها الذي لم تنجبه
مرت ساعات اخرى وهى على جلستها دون حركة حتى أسدل الظلام ستائره حولها
انتفضت فجأة على صوت رنين هاتفها فالتقطته سريعا دون ان تنظر الى اسم المتصل ربما كانت المشفى او قسم الشرطة او ايا كان من يخبرها بما يزيح تلك الحيرة الثقيلة عن صدرها فتحت المكالمة وهى تلهث فجاءها صوت اجش غليظ قائلا
مدام ايلينا مساء الخير ياترى اخوكى وحشك لا لسة
انتفضت واقفة وهى تمسك الهاتف بكلتا يديها هاتفة فى ذعر
على اخويا انت تعرف هوا فين
ضحك المتصل فى سخرية
فى الحفظ والصون مټخافيش بس لحد امتى ده يتوقف عليكى
اتسع ثغرها فى صدمة لقد اختطف احدهم على من يكون ولماذا
جاءها صوته المنتشى قائلا
ها تحبى نتفق ولا مستغنية عن اخوكى
تحكمت فى ارتجافها وقبضت على الهاتف أكثر
انت حيوان انا هوديك فى ستين داهية بټخطف طفل كفيف يا حيوان يا حقېر
قاطعها فى برود
كدة انا هزعل ومنصحكيش تجربى زعلى
ضغطت على شفتها السفلى في عجز لتسأله
انت عاوز منى ايه واخويا ذنبه ايه اللى بتعمله ده حرام عليك والله
تأفف المتصل قائلا
هنقلبها صعبانيات ولا نتكلم