رواية مذاق العشق بقلم سارة المصري
نفسه انه فعلها بالرضا لينقذ اسم العائلة وشرفها وماهى الا مجرد ذريعة اتخذها ليبعد صوفيا عنه فلم يعد جديرا ابدا بتلك النظرة التى تحدقه بها دائما لتشعره بأن الكون يخلو من أي رجل سواه....
لقد فاقت طاقة تسامحها كل ما تصوره ...طاقة قوة لاتشعر هى بها رغم أنها تعرى له عجزه اكثر واكثر نعم سامحته هى على مالم يستطع ان يسامح نفسه عليه ..
نظر الى ساعته يعلم انه تأخر ولكنه سيذهب فى النهاية بقى فى شركته وحيدا ليبتعد عن تلك الاجواء فى القصر ..
مبهجة لهم قاټلة له ...
امه أخذت تقبله فى سعادة حينما علمت بقراره وهى تظن ان دعواتها اخذت طريقها الى السماء بالسرعة التى تمنتها وتخلص ولدها من تلك الخواجاية ليتزوج ابنه عمه ابنة الاصول التى ربتها على يديها لم يعد قادرا على مسايرتهم فى هذه اللعبة فابتعد عن القصر قدر الامكان ولكن اليوم هو الزفاف ...اى زفاف زفافه على تلك المخادعة التى تدعى ابنة عمه تلك الكلمة التى ظل ابوه يرددها على مسامعه طيلة الفترة الماضية ليشعره ببطولة ما يقوم به ..
هل يمكن لأحد ان يصادر خياله ايضا
يتخيل عينيها تلتمعا بابتسامة تزيد جنونه وهوسه .. يتخيل رقتها وهى تتهادى لتتأبط ذراعه ..
يتخيل خجلها وهى بين احضانه للمرة الاولى ..
تنهد فى قوة لو استغرق فى خياله اكثر فسيذهب الى الچحيم عوضا عن الذهاب الى سمر ..
لقد خرج من الجنه وذهبت حوريته للابد ولا بد انها الان ټلعن الساعة التى رأته فيها وتنعته باشنع الصفات ..
كم مرة منع نفسه من الذهاب اليها والفرار بها وليذهب كل شىء بعد هذا الى الچحيم لما لم يكن القدر اكثر رحمة ليضمها مرة واحدة فقط قبل ان ....
انا هسافر يا زين
ومش هرجع تانى
مد يده الى يدها التى تلامس وجنته وأزاحها فى رفق ومهما حاول
تركها من كفه لا يقدر وكأنها مغناطيس يجذب قطعة معدن .. همس فى الم
ربنا يوفقك فى اللى جاى وتحققى اى حاجة تتمنيها و...
نعيمها وحده من بشره القدر به ..
وايه ...يبعتلى انسان يحبنى غيرك تقدر تقولها يا زين
صوفيا
اقتربت اكثر فكاد ان يتراجع خطوة للخلف فأمسكت بذراعه لتمنعه بينما تركت يدها الاخرى فى كفه وقالت وهى تتمعن فى ملامحه
واغلقت عينيها للحظة فتحتهما بعدها لتنهمر دموعها قائلة
بس متشوهش اجمل احساس حسيت بيه فى حياتى ...انا هسافر ومش هرجع تانى بس عاوزة اسمعها منك
قال وهو يشيح بوجهه للاتجاه الاخر مبتعدا بعينيه عنها يحاول ان يبحث عن تماسكه.. عن قوته ..عن قسوته.. عن اى شىء لا يجعله يصرح بالحقيقة ولكنه عجز سوى عن قول
صوفيا متصعيبهاش عليا ارجوكى
ادرات وجهه اليها ودمعة غافلته لتسقط رغما عنه فقالت وهى تمسحها باصبعها وتحتضن وجهه بين كفيها
قولها وميهمكش اى حاجة ...مش هطلب منك اى حاجة قصادها ...مش هطلب منك تشرح اى ظروف اضطرتك
كان يراقب كل شىء فيها عقله لا يصدق انها ستذهب بلاعودة وان قرار اعدامه قد جاء موعد تنفيذه لم يعد لعقله اى وجود وهى تواصل فى حړقة
مش معقول كل اللى حسيت بيه معاك كان وهم ...كان خيال عايشة فيه لوحدى ...قول انك بتحبنى لسة يازين ..قول انك بت ...
ولم يترك لها الفرصة لتكمل... لم يسعفه عقله ابدا وقد استنفذت مشاعره...
انحنى فجأة ليقبلها دون ان يدرى كيف ...
دون ان يفكر انه يخرج عن كل مبادئه واعرافه ...
دون ان يشعر ولو للحظة انه يرتكب اى ذنب ..
ان كان اعدامه قد حان فتلك هى الرغبة الاخيرة فى الحياة ...
الحياة التى بدأت فقط بنظرة واحدة من عينيها وقلب لم ولن يدق لسواها ..
قلبه الذى يخفق فى عڼف وهو لا يتخيل انه على بعد لحظات من حرمانه منها للابد ..
كلما تخيل هذا الظن ضمھا اليه اكثر وبثها كل مخاوفه وعشقه واجابها بسهولة عن كل ما دار فى عقلها من شكوك ...
تلاشى تماما فى لحظات كل ما علمها اياه وكل ما منع نفسه عن ارتكابه طيلة عمره وهو يمرر يده فى شعرها وينزع عنه حلية صغيرة وضعتها فيه ..
قبلها فى قلة حيلة ..فى اختناق... فى خوف ...فى حب جارف ...
اما هى فحصلت على اجابتها وتيقنت من انها لم تخدع ولو للحظة فى مشاعره تجاهها ..
شعرت بألمه ووجعه وضعفه ..
نسيت كل شىء حولها
انت لسة بتحبنى يا زين
اجابها وهو يغمض عينيه فى الم
وهيفيد بايه
وضمھا اليه قائلا فى ضعف كم كره ان يظهر امامها
هيفيد بايه ومفيش حاجة هتتغير ..بعد دقايق فرحى ...مبقاش ينفع يا صوفيا
تشبثت به اكثر قائلة
انت پتتعذب يازين انا حاسة انك پتتعذب وانا مش هسألك اكتر من كدة بس كفاية عليا انك انت بتحبنى وبس ...ولو حبنا ده سببلك اى ۏجع فانا هبعد من غير حتى ما اعرف ليه
افلتها زين من بين ذراعيه قائلا
صوفيا انت حبك اجمل حاجة حصلت فى حياتى ..بس كل حاجة اقوى منى ...سامحينى يا صوفيا ..انا
وضعت اصبعها على شفتيه قائلة
انا هبعد بس مش هحتاج منك اكتر من وعد ..اوعدنى زين انك هتحاول ترجعلى وتصلح كل حاجة
ابعد اصبعها وهو ينظر الى عينيها فى الم كيف يعدها بما لا يمكنه ان يبر به
صعب ..صعب يا صوفيا
همست فى حب
بس مش مستحيل ...انا هستناك حتى لو عدت ... قاطعها بسرعة
يبقى بتظلمى نفسك وبتحكمى عليها ټندفن معايا
وانا مش هسيبك ټموت لوحدك ..انا هفضل مستنياك وانت هتدور عليا وهتلاقينى.. مش هضغط عليك اكتر من كدة ..خلى حبك يقاوم كل حاجة وارجعلى ..مش عاوزة اكتر من وعدك ليا بده ..اوعدنى انك هتحاول
وتسمعها هى بوضوح بحر مشاعره العميق تغوص هى فيه الان ...
ابتعدت عنه فى هدوء ونظرت اليه نظرة وداع اخيرة وقبل ان تلتفت لتذهب تنهد وهو يغمض عينيه لثوانى ستذهب بلا عودة ...
سترحل ولن تراها مجدد ..
اعطها واعط لروحك بعضا من الامل ..
اعطها ماتريد ربما كانت الايام اكثر رفقا بك وبها امسك بذراعها قبل ان تبتعد وضمھا اليه من جديد لم يترك حتى للهواء فرصة ان يتسلل بينهما ډفن رأسه بين خصيلات شعرها الاشقر وأخذ نفسا طويلا من رائحته وبلله بدموعه التى سالت رغما عنه وكلما تنفس كلما اكثر غير مصدق انها لحظة الوداع مرر يده فى شعرها قائلا
اوعدك انك هتفضلى جوايا لاخر لحظة فى عمرى ..اوعدك انى هفضل احبك لاخر نفس فيا
قالت ويداها المرتعدتان تتركان ملابسه التى تشبثت بها
وانا مش عايزة اكتر من كدة ..طول ما حبى جواك هتحاول مرة واتنين وعشرة وانا هستناك حتى لو لعمر تانى
طول قلبك ده ما بيدق قلبى انا كمان هيفضل يدق معاه ...هفضل احبك طول عمرى
وتراجعت للخلف وهى ترسم ابتسامة تقاوم بها كل صرخاتها ونحيبها لتلتفت فجأة وتطلق العنان لكل دموعها ابتعدت بخطوات سريعة وهو عاد الى نافذته ليراها تسرع بخطوات تشبه الركض..
لن تلتفت ابدا له فان التفتت ستعود اليه دون شك ..
ان التفتت سيلحق بها ويلعن هذا العالم بكل مافيه.. سيسحق كل شىء تحت قدميه ..
ولكنه وعدها ان يعيد لها زين الذى احبته فهو الاجدر بها من هذا الضعيف الذى عجز عن حمايتها ..
تنهد بعمق والم وصړخت كل خلية من خلاياه وكل ذرة من كيانه وهى تختفي ..
وداعا صوفيا وداعا حوريتى الجميلة..
وداعا كل شيء...
الفصل التاسع عشر
انتهى حفل الزفاف الذى كان رائعا بمقاييس كل من دعي لحضوره الا صاحبه فلم يشعر سوى انهم يشيعونه لمثواه الاخير بعد أن صدر حكم الاعډام بحقه ورحلت صوفيا منذ ساعات ..
لم يتمكن حتى من رسم أي بسمة روتينية مجاملة على شفتيه كان يشيح بنظراته الى اي شىء غيرها يخشى ان رمقها بالنظرة التى تستحقها ولم يعد لديه لها سواها أن يلحظه احدهم فحتى الان لا يعرف شخص بالقصة شىء سوى محمود وهما اما باقى العائلة فتراه زواجا موفقا وسعيدا الا ايلينا التي تحولت نظراتها الساخطة عليه الى أخرى مشفقة ففى عينيه لاحظت ضياعه وحزنه وشتات أمره ...
لاحظت عدم شعوره بسمر تماما وكأنه يحملها ذنب ما حدث ...
أدركت بفطرتها أن هناك خطب ما وأنه مضطر لما يفعله ولكن الجزء الاكبر من شفقتها كان على صوفيا التى لاذنب لها فى دخولها لدوامته تلك وكما اشاح زين بوجهه عن سمر اشاح به ايضا عن ابيه ...
نعم ابيه الذى غير كثيرا من تفاصيل تلك الليلة التى طالما روادته فى احلامه وهي تجمعه مع حوريته التى نفاها بعيدا بعد ان اشعره ابوه بعجزه المطلق امامها ...
أشعره أنه لايستحق سوى بقايا أنثى كسمر ابنة عمه ليتها لم تكن هكذا ابدا ...
ليتها لم تكن شرفه وعرضه فلقد حمله أبوه مالا يطاق .
عاد الى جناحه فى القصر مع عروسه ..
لم يحتج زواجه بها سوى مجرد تعديلات بسيطة على جناحه الفخم من الأساس ..تركه لهم ليفعلو به ماشاءوا فقد ترك لهم حياته بأسرها من قبل ...
تولت سميرة تلك المهمة وأنهتها في وقت قياسي ...ألهتها سعادتها بابتعاد ابنها عن الشقراء عن حزنه وصمته واستسلامه ..ربما أدرك مؤخرا أنها لا تصلح زوجة له وأن ابنة عمه هي الاختيار المناسب ..سيتناسى مع الوقت ..بل سينسيه عشق سمر له هوسه بتلك الخواجاية ...
جلست سمر على طرف الفراش بينما هو لم ينطق بحرف ...
خلع رباط عنقه والقى به فى عشوائية واتجه الى المرحاض بعد ان اخرج من الخزانة بعضا من ملابسه خرج بعد دقائق ليجدها لازالت على جلستها بثياب العرس ابتسم فى سخرية دون ان يعلق وهو يتجه الى ملحق صغير بجناحه لينام فيه ..
نهضت خلفه مسرعة وهى تمسك باطراف ثوبها قائلة في حذر
زين استنى
توقف دون ان يلتفت اليها فمنذ أن اتخذ أبيه قراره بشأنهما لم يتبادلا حرفا قط..
تقدمت خطوتين لتقف فى مواجهته
احنا لازم نتكلم
زفر فى ضيق فمجرد انفاسها فى المكان تزعجه
عايزة تقولى ايه
ازدردت ريقها بصعوبة وهى تنظر الى اصابعها تفركها فى شدة
انا عارفة انك متضايق من اللى حصل ومن الل...
اوقفها بكفه