رواية يليق بك ملاكي بقلم كيان كاتبه كاملة
عليه تنحى كلا الرجلين جانبا وساعدها علي في حمل حقيبتها للداخل وهو يتأفف بشكل غير واضح كل هذا يجري وعينان من بعيد تتابعان بلمعة حبيسة .. لم تكن لتنس أبدا غريمتها أو كلماتها التي لطالما سممت بها أذنيها الفزع كله من تكرار المأساة فلازالت لم تنجب وغريمتها تقطن ذات البيت .. كيف التصرف !
مساء الخير يا حبيبتي .
إيه ده ! كده بس ! أومال فين ع البنور لما يتكوم العصفور بتاعت كل يوم
عصفور إيه بأه ما راحت عليه خلاص .
استدارت لتنصرف فسبقتها يده تمسك بذراعها تمنعها من المشي .
مالك فيه إيه
مش وقته أنت جاي تعبان.. تعالى أنا حضرتلك الحمام وهجهز الغدا عما تغير هدومك .
جلس أمامها على المائدة يتناول الطعام بشهية و هي تطعمه بيدها ولاحظ أنها لا تأكل إلا قليلا و مزاجها متعكر برغم محاولاتها إخفاء ذلك . أنهى طعامه ورفعت الطعام وجلست بجواره تقشر له برتقالة فاستلقى على ظهره على الأريكة واضعا رأسه على رجليها .
لا .. أنا طلعت على هنا على طول .. الدنيا تحت ساكتة يمكن نايمين و أنا واقع من الجوع .. ريحيني وقوليلي فيه إيه
الست الهانم لوزة هتعيش عندنا هنا بعد مامتها ما دخلت السچن .
رفع نظره لعينيها پصدمة
مين اللي قال
بابا و مامتك .
إزاي يعني ! مش فاهم !!
أهو اللي حصل .. جت بشنطتها قعدت ټعيط وماليش حد غيركم و أنتو ماما وأنتو بابا و أنتو أنور وجدي .. قامت الست فاتن حمامة والدتك قالتها بيتك يا بنتي وهتعيش هنا الهانم و أنا أفرقع بأه وألا أطق مش مهم .
مين أنور وجدي !
أبوكي
آه .. شكله كده وافق ما أصله وسع لها السكة وخلى علي دخل شنطتها .
طيب والفيلم ده هنعمل فيه إيه
المشكلة أنه فيلم أبيض و أسود والنهاية لازم تبقى سعيدة و محدش يزعل وكل الناس حلوين و أنا اللي شريرة الشاشة لوحدي و عايزاها تمشي من البيت .
لا خليها اتنين شريرين الشاشة عشان أنا كمان مش عايزها .. أنا مش حمل نكد .
قامت فجأة فوقع من الأريكة وبيده فصوص البرتقال لينضغط على وجهه ويدخل عصارتها في عينيه
آه يا مچنونة .. البرتقان دخل في عيني يا هبلة هتعميني .
يكون أحسن برضو بدال عينك ما تزوغ واضطر افقعهالك .
وقف وراءها و هو يمسح وجهه بيد و يديرها لتواجهه بيد الأخرى
يعني أنتي تفتكري أني هوافق على كده و ألا حتى أبص لدي
يا بت بطلي الكلام الدبش ده .. رجالة إيه اللي بتقولي عليهم دول ! إعقلي بأه .
أعقل ! أنت شايفني مچنونة .
أنتى هتعملي زي نهى وألا إيه ! لا أنا معنديش خلق لكده و هظرفك يد ف عينك أخليها تزرق ع الموضة يا بت أنا مقدرش أستغنى عنك ولا أزعلك .. أنا هشوف الموضوع ده و هتصرف .. فكيها بأه دا أنا جاي جري من الشغل عشان أقعد معاكي متنكديش عليا
تقعد هنا إزاي يا أمي بعد كل اللي حصل
يا حبيبي وحدانية و ملهاش حد .
أنتي عارفة أخلاقها كويس .. متنفعش تقعد كمان عشان نعمة .
آه قول كده .. الست هي اللي قايلالك اطردها .
يا ماما هي مقالتش حاجة .. احنا هنعيده تاني ! أنا مش عايز مشاكل والبنت دي وجودها غلط هنا .
يعني تفتكر كنا نعمل إيه ! نطردها مثلا ونسيبها في الشارع لكلاب السكك يابني دي بنت في الأول و الآخر و مکسورة الجناح .
خلاص نشوفلها أي حل غير أنها تقعد هنا .. حتى لو هنشوفلها سكن في حتة تانية .
إخص عليك .. مكنتش فاكراك قلبك حجر أنت ومراتك بالشكل ده !
يا ماما .. أرجوك .
احنا لسة عايشين وإدينا كلمة .. لما ڼموت ابقى اتصرف ف البيت زي ما يعجبك .
يا ماما ليه بس الكلام ده
! أنا مقصدش كده .. أنا ......
لا تقصد ولا متقصدش .. مش هنرجع في كلمة إديناها عشان خاطر حد
في غرفة البنات تجلس على السرير الذي كان يخص نعمة .. تحادثها نفسها بسخط
بقى هي دي أخرتها ! بدال ما أتجوز و أخد جوزها أخدت أكبر مقلب في حياتي و مطولتش غير سريرها القديم الله يسامحك يا ماما .. إنتي السبب كل شوية تقوليلي إتنحرري وشوفيلك واحد ينغنغنا .. هانتقم و أخليهم ع الحديدة .. أديكي بقيتي ع البورش و أنا قاعدة هنا في البيت الممل ده لا خروج ولا تليفزيون في الأوضة حتى التليفون مانعين دخوله الأوض .. أففففففف حاجة تخنق.
مالك يا لوزة .. قاعدة بتاكلي في نفسك ليه
من الزهق .. قوليلي يا سناء.. هو أنتو هنا مبتعملوش حاجة كده و مفيش أي حاجة مسموح بيها ليكم
إحنا طول النهار بنشتغل في البيت وشغل البيت متقسم علينا و الوقت اللي فاضل بيكفي المذاكرة يدوب ونرتب سرايرنا وهدومنا ولما بناخد الأجازة بابا بيسفرنا ولو مش فاضي أبيه أحمد بياخدنا يوم الملاهي و يوم الجمعة بنتفرج كلنا على التليفزيون تحت .
بس دي عيشة تخنق .. حتى التليفونات بنسيبها تحت في الصالة .. إيه المشكلة لما كل واحد يفتح تليفونه لوحده
دي تعليمات أبيه أحمد حتى الولاد برضو بيعملوا كده مفيش غير أبيه أحمد و أبيه علي اللي تليفوناتهم معاهم عشان الشغل .
طيب أتسلى إزاي أنا دلوقتي .
تعالي معايا على السطح هنغسل سجادة الصالون وبعدين أعلمك تطريز المفارش زي ماما .. أو إلعبي دومينو مع عبد الكريم و كاميليا أو العبي شوية على المشاية بتاعت علي
أقولك .. روحي خلصي السجادة و تعالي و أنا هتصرف .. أنا هوريكي التسلية تبقى إزاي .
أنا مش مرتاحين للوضع ده و خصوصا نعمة بس اصبروا شوية عشان نشوفلها تصريفة .
يا عمي المسألة مش بس اللي حصل منهم أو زعل نعمة هي مش من أخلاقنا و كلنا عارفين كده ووجودها وسط البنات خطړ .
يابني لو مساعدناهاش و جرالها حاجة ضميرنا مش هيسيبنا .. خليك بس معانا و يمكن نعرف نجوزها و نرتاح من مسئوليتها .
طيب يا عمي .. بس أنا عايزك تنبه على ماما تحط عينيها وسط راسها وتخليها مركزة على البنت دي .. مش عايزين مفاجآت تانية .
ربنا يستر .
أحست بحركة غريبة في شرفة الفتيات فرفعت نفسها ووقفت على أطراف أصابع أقدامها .. لتنظر إلى الأسفل .. لم تر جيدا ولكن الرائحة لم تخطئها أنفها .. هناك من تدخن السچائر! أهذه أول ما قد تشجع الفتيات على تجربته ! ليس مستغربا عليها أن تدخن السچائر فتربيتها الغربية و أمها ذات المبادئ المضطربة لن تبالي بذلك حقا و ربما اعتادت الفتاة الټدخين لأنها كانت ترى أمها تدخن سابقا أو ربما تدخن بانتظام .
بتعملي إيه هتقعي من البلكونة .
هششش وطي صوتك .
فيه إيه
تعالى ننزل أوضة البنات عايزة أشوف فيه إيه تحت .. أنا مش مطمنة .
نزل الاثنان يتسللان على السلم ودخلا الغرفة واقتحما الشرفة لتتسع عيونهما من المفاجأة
جلس واضعا رأسه بين يديه ېقتله الحزن .. لا تهون عليه ربتات كفيها لا يذكر أنه شعر بتلك الصدمة من قبل إلا حينما خطفت نعمة .. لا شيء يضاهي إحساس العجز في مواجهة أقرب الناس إليك لا كلمات تشرح معنى الكسرة بعد طول التعب .
متعملش في نفسك كده عشان خاطري .
أنا اللي واجعني أني كنت بربيكم على الحلال والحرام ومتابعكم مهما كنت مشغول .. إزاي أشوف النتيجة السيئة دي
أنا مش عايزة تفهم كلامي أنه تأنيب بس فعلا وجود لوزة في وسط البنات أكيد هيغير سلوكهم ويأثر عليهم .
أنا فاهم ده و فعلا كلمت عمي في ده بس مكنتش متوقع أن كام يوم يعملوا تأثير يمسح سنين تربية .. أنا كنت أموت أحسن .. سناء!! سناء اللي قعدت على رجلي أكتر من المدرسة تشرب سجاير لأ و كمان تاخد تليفونها من ورانا .. لو مكناش عرفنا من أولها كان إيه اللي حصل أكتر من كده ! ليه ما سيبنيش أخنقها يمكن كانت ڼاري بردت
ده مش حل .. كمان مينفعش تحاسبها على حاجة أنت السبب فيها لنفترض أن واحدة زميلتها حتى من برا البيت أقنعتها تعمل كده برضو مش الحل إننا نضربها لأن ساعتها هتعند .. دي آخر حاجة ممكن تتعمل أصلا و مينفعش نفضحها .. شوف السبب فين يا أحمد وشيله .
قامت من مجلسها إلى جانبه ونزلت إلى سناء التي انسابت دموعها باڼهيار بعد أن رآها أخاها و ڠضب منها و يتكرر المشهد في رأسها كل بضع ثوان ليتكرر ندمها وتبدأ نحيبها من بدايته مرة أخرى .. جلست بجوارها و ضمتها إلى حضنها ليزداد بكاءها بمرارة وبعد ما يزيد على نصف ساعة من البكاء بدأت نعمة كلامها
دلوقتي هديتي ونقدر نتكلم دلوقتي
أنا آسفة .. مش عارفة أنا عملت كده إزاي .
أنا ميهمنيش دلوقتي إنك تقولي أنا آسفة لأنها مجرد كلمة هنتعود أنها تطلع وقت اللزوم و عادي كأن مفيش حاجة حصلت .. الاعتذار اللي بجد عايز أفعال و مسئولية .
مش عارفة طيب أعمل إيه
الأول عايزين نعرف إيه اللي خلاكي تعملي كده
لوزة لما جت أقنعتني أني أقدر أعمل كده و محدش هيعرف و أني مش بعرف أتسلى و الحياة هنا خنقة كلها غلط و رفض و قوانين وبدأت أحس بالخنقة فعلا و أنا شايفاها بتحكي كانت بتعمل إيه في بيتهم .
هي كانت بتعمله في بيتهم بس محدش من الناس احترمها ولا حد كان عايزها ولما حبت تتجوز أمها كانت بتدبس أخوكي فيها مش معنى أننا نلاقي حد بيعمل حاجة نفكر نجربها .. ده ضعف يا حبيبتي و انسياق وراهم يعني لو سافرنا بلد فيها الناس بتعبد الأصنام نعمل زيهم
لأ طبعا منقدرش نتخلى عن دينا .
ولا عن شخصيتنا و لا عن مبادئنا و لا عن اللي اتربينا عليه .. طيب انتي شايفة إن القواعد اللي إتحطت في البيت دي ظالمة
وقتها حسيتها ظالمة .. بصراحة معتش عارفة و اللي أقنعني أني مقدرش آخد قرار من غير موافقة كل الناس هنا .
طيب ما تشوفي أنتي إيه اللي كان من حقك وإيه اللي ممنوع وفكري كده هو منطقي وألا لأ
إزاي مش عارفة
يعني أبيه