الخميس 28 نوفمبر 2024

ست البنات بقلم نيمو

انت في الصفحة 29 من 29 صفحات

موقع أيام نيوز

وامك اتجوزنا فى بلدنا واتنقلنا هنا علشان شغلى ودراستها سكنا فى شقه اوضه وصاله فى حته شعبيه بعيده عن شغلنا مكنش معانا فلوس ناخد تاكسى وكنا بنستنى الاتوبيس كان بيعدى علينا اليوم منعرفش هيبقى معانا فلوس تكفى تانى يوم ولالا كنت انا بشتغل الصبح وبالليل بصمم مواقع على الانترنت علشان ازود دخلى وامك كانت بتدرس فى الجامعه وبتذاكر لكم علشان نوفر فلوس المدرسين تفاصيل كتير مهما حكيتها مش هوفيها قدرها بس صدقنى مكناش زعلانين ولا حاسين ان فيه حاجه نقصانا بالعكس كنا حاسين اننا أمان لبعض ووجودنا مع البعض اهم مليون مره من اى حاجه تانيه مع انها كان ممكن تطالب بورثها ونعيش كويس بس انا حلفت ماهتصرف جنيه على حياتنا وهيا وافقت علشان هيا ست اصيله وحتى لما ربنا رزقنا عمرها ماطلبت حاجه لنفسها وكل طلباتها كانت ليكم وللبيت 
مفيش زيكم دلوقتى يابابا
لا فيه ودور وانت تلاقى 
سادت فتره صمت لم اسمع فيها شيئا حتى وجدت صفي يفتح الباب بابتسامه هادئه ويغلق الهاتف ركضت نحوه احتضنه بكل لهفه وشوق فبكل ابجديات العشق اعشقه حتى وان ضافوا لعمرى أعمارا فليس مثله أحد يمسح بيده على قلبى فيبدله حاله من حزن لفرح ولا هنالك فى الكون اصفي منه قلبا واطيب منه سريرة ولو صعدت روحى للسماء لظللت انتظره حتى يلحق بى جنات النعيم فمن مثله حرم على جسده العڈاب كانت دموعى تسقط على صدره فيمسح وجنتاى بأطراف انامله ويمرر يده بين خصلات شعرى الذى خطه الشيب واصبحت بعض خصلاته رماديه اللون ظل يمسح على شعرى حتى هدئت واعتدلت انظر اليه 
ربنا يخليك ليا يا احسن حاجه حصلتلى فى عمرى كله 
ويخليكى ليا ياصاحبه الصون والعفاف
ابتسمت وارتميت برأسى
على صدره كالظمئان الذى وجد البئر اخيرا فكان مائه بارا يجلى القلب ويزيل الظمأ 
جلسنا نتحدث فيما حدث وطمئننى ان تميم الان افضل بكثير وسيجتاز تلك المحنه قريبا وما حدث لم يكن سيئا فبرغم كل شئ الا ان تميم الان اكثر
وعيا ونضجا وسيميز الصالح ببصيرته الفطريه ظللنا نتحدث حتى اجتاح النعاس أجفاننا فأطفئنا الانوار ورحنا فى سبات عميق لا نريد تناول الطعام فماحدث اشبعنا وجعل ارواحنا ممتلئه غفوت بهدوء وانتقلت لموجه احلامى المتخبطه ولكنى لم انعم بذلك الهدوء طويلا حتى وجدت ملاذ توقظنى وتطلب منى الرد على الهاتف بسرعه افقت مزعوره تائهه لا اعلم مايحدث فوجدتها تعطينى الهاتف فى يدى امسكته ووضعته على أذنى فأتانى صوت مرام تبكى لم اتبين المتصل فى البدايه فسئلته بصوت يرتجف من الفزع
مين معايا
انا مرام ياطنط
ظننت ان تميم قد اشعل عراكا حاميا معها فلذلك تطلبنى ولكنى وجدتها تبكى حتى الاڼهيار 
فيه ايه يامرام بتعيطى ليه 
بابا بېموت يا طنط
لا ادرى لم خفق قلبى بشده وشعرت بنغزه فيه جعلت صوتى يرتجف ونبرتى تخبو
انتى بتقولى ايه 
بابا فى المستشفى وعاوز يشوفك تعالى بسرعه ياطنط الدكاتره بيقولوا مفيش قدامه كتير 
اغلقت الهاتف واستدرت لأضعه على الطاوله فسقط من يدى على الارض ووجدت صفي ينظر لى بزعر فقد نهض مڤزوعا هوا الاخر
فيه ايه ياميراس
اجبته بصوت خاف وعقل تائه
عمر فى المستشفى بېموت وعايز يشوفنى
نهض صفي وامسك بيدى يحثنى على النهوض
ومستنيه ايه 
نظرت له نظره ترقب وإعجاب
مش زعلان 
ضحك وهوا يجذبنى واقفه
البسى بسرعه وانا هوصلك
لم تمض الدقائق حتى وصلنا لمكان المشفى الذى وصفته لى مرام كنت خائفه متلجلجه يظهر التوتر جليا على ملامحى ويداى المرتجفتان فأمسك بهما صفي يطمئننى
انا هستناكى هنا
طوال الوقت اجده متفهما لكل مايحدث فلولا احتوائه لى لكنت ضائعه منذ الازل هبطت من السياره واتجهت للداخل سئلت على مكان غرفته فأشارت لى الممرضه على مكانه ذهبت اليه بخطى متثاقله وقلب مرتجف فوجدت داليا ومرام تقفان باكيتان على باب غرفته خشيت مواجهه داليا وحديثا الموجع ولكنى وجدتها متفهمه تلك المره وانزاحت عن الباب لتتيح لى طريق الدخول وما إن رأتنى مرام حتى ركضت نحوى
بسرعه ياطنط ارجوكى
نظرت لداليا وكأنى اطلب منها السماح بالدخول فأشارت بيدها ناحيه الباب وجلست على المقعد المقابل للغرفه 
فتحت الباب ودخلت بقلب منقبض وارتجافه تسرى فى جسدى كله بحثت بعينى فى الغرفه الصماء ذات السرير الواحد والاجهزه الموصوله بالجسد حتى وجدته يتوسطها على سرير ابيض ذو قوائم معدنيه يرقد مغمض العينين وتخرج من جسده الكثير من الانابيب وعلى فمه قناع تنفس اغلقت الباب خلفى ودخلت بهدوء اخشى اصدار صوت ولكنى مالبثت ان جلست فى المقعد المجاور له حتى فتح عينينه وازاح قناع التنفس والتفتت ينظر لى
كنت عارف انك هتيجى
متتكلمش ياعمر انت تعبان 
كان وجهه شاحبا وعيناه لا يستطيع فتحها عن اخرها فامتلئت بالصفار وجنتاه وشفتاه لا دماء تسرى فيهما وجسده مسجى لا يتحرك كانت الكلمات تخرج
من فمه ضعيفه هزيله كجسده الراقد امامى وصوته خاڤت يكاد لا يسمع ولكنه كان عنيدا حتى فى مرضه الشديد
كان نفسى تبقى اخر واحده اشوفها قبل مااموت 
متقولش كدا ياعمر انا مبحبش الكلام دا وانت عارف 
حقك عليا خليتك تعيشى التجربه مرتين 
ان شاء الله هتخف وتبقى كويس
لاادرى لما تساقطت دموعى برغم إصرارى الشديد على حپسها الا انها أبت الانصياع فاستدرت اخفيها ولكنه مد يده الهزيله ببطئ وربت على يدى فاعتدلت ناحيته
متدوريش وشك خلينى اشبع منك
هتخف ياعمر وهتغلب المړض زى ماغلبته قبل كدا
وهتعيش وتجوز بنتك وتفرح بحياتك و......
لا ادرى لما اصبحت ملامحه جامده كان ينظر لى وابتسامه هادئه على شفتيه ولكنه لا يحرك عينيه ولا تنغلق اجفانه اقتربت منه احرك جسده فوجدته متخشبا لكزته بيدى وانا انادى عليه فلم يستجب قربت يدى من شفتيه لأشعر بتنفسه ولم اجده علمت وقتها انه لم يعد هنا وضعت يداى على وجهى ابكى وابكى ابكى على كل شئ حدث على يوم رأيته فيه يمر أمامى شابا متفتحا تعشقه المراهقات ويوم تزوجته ويوم لمس جسدى لأول مره ويوم تركته وايام سعى فيها خلفى كنت اعلم انه يعشقنى ولكنه لم يكن جديرا بحبى له وليس كل الحب مقبولا
لم استطع رؤيته هكذا فنهضت عن مقعدى وخرجت وانا مڼهاره فى البكاء فعلمت مرام ماحدث وسقطت على الارض تبكى فى حرقه اما داليا فمن وسط دموعها نظرت لى بعينان يملأهما الڠضب وتحدث لأول مره 
حتى وهوا بېموت اختار انه ېموت بين ايديكى انتى مش انا 
تحدثت اليها انا الاخرى پغضب اشد لا اعلم سببه 
يمكن علشان انا الوحيده اللى مكنتش عايزه منه حاجه
الله يرحمه ياحبيبتى
يارب 
شعرت اننى اوشك على السقوط فسندنى واتجهنا سويا ناحيه السياره عائدين للمنزل جلست بجواره واسندت ظهرى للخلف وتركت الذكريات تتداعى وتنساب فى هدوء الى رأسى فلا أحد يستطيع ان يتكهن بما تحمله له الحياه بين طياتها وعليه ان يتقبل كل شئ بل ويعد العده للقتال فالحياه لا تنتظر الضعيف ولا المتكاسل بل تسحقه سحقا وإن كان عليك العيش فعش كريما منتصرا مرفوع الرأس تنحنى لك الحياه وتتذلل لك الصعوبات لا أدرى ماذا سيفعل تميم مع مرام ولكنى متأكده انه سيعيد لها كل ما كتبه عمه من اجله فلا حاجه لنا به فنحنا اغنى الناس بنفوسنا لا بأموالنا المتراكمه فلا الاموال تهب الكرامه ولا الفقر يتطلب الخنوع ولكل منا نقطه فارقه فى حياته تجعله إما يكمل طريقه السابق
فيكفي أننا يوما تمردنا على الأحزان
وعشنا العمر ساعات
فلم نقبض لها ثمنا
ولم ندفع لها دينا
ولم نحسب مشاعرنا
ككل الناس .. في الميزان

28  29 

انت في الصفحة 29 من 29 صفحات